التجميل صناعة وخيال في ذهن كثير من النساء ، يسعى بعضهن لمزيد من الجمال لتعجب زوجها ، ويسعى البعض الآخر للرضى عن خلقتهن. وامتدت محاولات الإنسان للتحايل على هيئته لتشمل الرجال والنساء ، فتزداد حالات الإقبال على إجراء جراحات التجميل. وقد أظهرت دراسة أن معدل إجراء هذه الجراحات ازداد بنحو ثمانية أضعاف على مدى السنوات العشر الماضية.
واقع جراحات التجميل
وأوضحت الدراسة لجراحة التجميل أن أكثر الجراحات شيوعًا هي عمليات شفط الدهون ، وإزالة ترهلات البطن بالإضافة إلى عمليات إزالة الطبقة السطحية من جلد الوجه باستخدام مواد كيميائية ؛ لكي يبدو الوجه أصغر سنًّا ، كما أن عدد جراحات تضخيم الثديين ارتفع بنحو ستة أضعاف على مدى العشر سنوات الأخيرة وشهدت جراحات شدّ الوجه زيادة مماثلة.
وترجع الدراسة هذه الزيادة في الإقبال على جراحات التجميل إلى عدة عوامل ، منها: زيادة نسبة كبار السن في توزيع السكان ، ارتفاع الدخول ، وكذلك فإن الأساليب الجديدة لجراحات التجميل جعلتها أسهل وأسرع ، مما دفع الكثير للإقبال عليها دون خوف من التعرض لآلام مبرحة أو فترات نقاهة طويلة.
فهل جراحات التجميل هي فقط شد الوجه وشفط الدهون وتغيير الخلقة ؟ هل هي ترف تافه أم حاجة حقيقية عضوية أو نفسية ؟
وكيف يرى الأطباء العرب جراحات التجميل ، وما هي نظرة العلماء؟
* جراحة التجميل تخصص فرعي بعد تخصص الجراحة العامة، ويتعامل جراح التجميل مع الأنواع الآتية:
جراحة الحروق وتشوهات الكوارث سواء بعلاجها باستعمال رتق الجلد (من نفس الشخص) أو من خارجة لاستبدال الجزء التالف أو المشوَّه، وهذا جزء أساسي من عمل جراح التجميل.
جراحات التشوهات التي يولد بها الطفل مثل الشفة الأرنبية ، وشق سقف الحلق ، وفي المراحل المتقدمة والمعقدة جدًّا من هذا الفرع مثل تشوهات الجمجمة والوجه.
جراحات إعادة بناء النسيج أو العضو مثل اليد المتهتكة في الحوادث أو الأنف المكسور نتيجة المشاجرات أو الحوادث.
جراحات الترهل والسمنة المفرطة وتضخم الصدر والأرداف المفرطة بشفط الدهون أو العمليات الجراحية.
جراحات التجميل: ومنها اختيار شكل الأنف ، وشد الوجه ، وشد البطن ، وتوسيع محجر العين أو تضيقه ، وتكبير الصدر أو تنحيفه وكذلك الأرداف سواء بحقن مواد في عبوات خاصة تناسب العضو المراد تكبيره مثل الثدي مثلاً.
إزالة آثار التشوهات من جراحات سابقة ، وذلك يتجه لنمو الأنسجة الجلدية بصورة غير طبيعية مما ينتج عنه تشوه.
وعن حكم جراحات التجميل إن في أوروبا وأمريكا تكثر فيها عمليات التجميل غير الضرورية التي تنحصر في حب تغيير الشكل ، والانسجام مع النموذج الذي تعممه هوليود أو وسائل الإعلام ؛ إذ كثر الحديث عن محاولات الإناث لنفخ الشفاه على شاكلة النجمة الأمريكية فلانة أو علانة ومشابهة نجوم الرياضة وغيرهم ، وهي في جوهرها غير أساسية ولا ترتبط بإخفاء العيوب ، أو معالجة مشكلات في الجسم.
في مصر بدأت عمليات التجميل تنتشر بالشكل الذي هي عليه في أوروبا وأمريكا ، والمتمثلة في تعديل أجزاء هي أصلاً سليمة وطبيعية جدا في الجسم.
حالات تجميل مقبولة
أن هناك الكثير من الحالات الوسط المشروعة ، فلا هي طبية جراحية ولا هي من باب التشبه بالشكل الغربي ، و الجراحة التجميلية هي إحدى الجراحات المتفرعة عن تخصص الجراحة العامة ، وهي جراحة متخصصة كجراحة العيون ، وجراحة القلب وغيرها.
الجوهر الأساسي في الموضوع ما نسميه بالجراحة التعويضية بحيث يتم تعويض النقص في أي مكان أو أي جزء من أجزاء الجسم ، فإن الجراحة التعويضية أو التجميلية أو التقويمية - وكلها معانٍ لشيء واحد - تُعَوِّض النقص الحاصل في هذا الجزء.
طبعاً النقص أو التشوه الموجود له أسباب عديدة منها ما يولد مع الإنسان ، ومنها ما هو ناتج عن السرطانات والأورام الخبيثة ، ومنها ما ينتج عن الحوادث والحروق وخلافها.
هذا بالنسبة للجراحة التجميلية بشكل عام أما أقسامها فهي عديدة ، مثل: جراحة الوجه والفكين ، جراحة أخرى هي جراحة اليد. هناك أيضاً الجراحة المجهرية أو الميكروسكوبية ، وجراحة أخرى هي جراحة التجميل لكن هذا الفرع طغى على باقي الفروع ، والناس أضفت سمته على الجراحة التجميلية ، ويقوم الناس هنا بتعديل أجزاء من الجسم هي أصلاً طبيعية ، ولكن لديه رغبة في تعديلها كشد البطن والوجه وشفط الدهن… ، لكن أغلبية العمليات التي يتم إجراؤها هي في أساسها تعويضية وضرورية.
لقد قال سبحانه وتعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم" ، وسبق أن أشرت إلى أن أحد مسميات هذا العمل العمليات التقويمية ، والله خلق الإنسان في أحسن خلقة ، لكن نتيجة لظروف معينة أو أمراض معينة يفقد الإنسان جزءاً من أعضائه ، ونحن نرمم هذا الجزء ونحاول إرجاعه إلى طبيعته وإعادة الجمال له.
والأصل في الخلقة أن تكون جميلة، والناس أخذت فكرة خاطئة عن الموضوع وأدخلته في باب الحلال والحرام. نحن لا نقوم بعمل محرم شرعاً ، فمثلاً شخص ما لديه انحراف أو اعوجاج في الأنف ، وأصل الخلقة أن يكون الأنف طبيعيا مستقيما ، ونحن إذا عدلناه للأصل الطبيعي والشكل الجميل ، فإننا لا نغير شيئًا في خلقته. ونحن لا نعالج فقط الناحية الشكلية في الموضوع بل الناحية النفسية لدى المريض الذي يتأثر ، وربما أيضاً الآخرون من حوله بعيوبه التي تُوَلِّد النفور لدى الآخرين منه. عندما نحل هذه المشكلة نحل عقدة لدى المريض قبل أن نحل مشكلة التشوهات الخلقية.
بعض الأمور التي يعتبرها الناس كماليات في عمليات التجميل هي مهمة للبعض الآخر ، ولها حيثيات مختلفة ، فمثلاً تأتي فتاة بالغة أو متزوجة وعندها ضمور في منطقة الصدر (الثديين) ، وقد يقلل ذلك من أنوثتها ، خاصة إذا كانت متزوجة ، ويسبب لها عقدة نفسية وضيقاً قد لا يدركهُ الآخرون ولا يعتبرونه أمراً مهمًّا ، لكن المتزوجة التي تعاني من هذا الموضوع تشعر بالنقص ولا تشعر أنها تبرز أنوثتها لزوجها ، كما هو الأمر الطبيعي مما يؤثر على نفسيتها وعلى حياتها الزوجية ، فإذاً ستعيش هي حياة أسعد ، أيضاً هناك نساء لديهن أثداء كبيرة مترهلة وتشكل عبئاً كبيراً على الجسم وتؤدي إلى أمراض وانزلاق غضروفي في الظهر وعلى العمود الفقري.
فلا يأتي أحد لإجراء عملية تجميلية دونما أن تكون لديه مشكلة ، و نتكلم هنا عن الأغلبية العظمى للناس وليس عن استثناءات قليلة جدًّا.
كما قلت أرى أن العمليات التجميلية جائزة ، وليس فيها تجاوزات شرعية كما يظن عامة الناس. المريض يأتي لنا واسمه عبد الله ويخرج كما أتى.. عبد الله هو هو لا يتغير عليه شيء والاعوجاج أو الانحراف فقط يُعَدَّل. ولو كنا نغير في خلق الله لنزعنا الأنف ووضعناه في مكان آخر!! ولا أظن أن الناس عامة تعارض هذه المسائل، ولكنها تبحث عن مخرج شرعي حتى تشعر بالاطمئنان ؛ لأنها تخشى الحرام.
القول بأن جراحة التجميل تعتبر تدخلاً في إعجاز الخلق ، يُعَدُّ تجاهلاً لكون الإعجاز والإبداع يبدأ لحظة الإخصاب بخلية واحدة لتنتهي بعد تسعة أشهر من الحمل إلى آلاف البلايين من الخلايا التي وُضعت بإتقان لتعطي آلاف الوظائف الفريدة المذهلة ، وما تقوم به جراحة التجميل هو إضافة لمسة جمالية على إحدى هذه الوظائف. وما خَلْق الإنسان على عَظَمَته إلا جزء يسير من خلق كون مذهل يتميز كذلك بالجمال والإبداع ، ولا تستطيع أن تقول إن استعمال المكيف لجعل جو البيوت لطيفاً هو تدخل في صنع الله ؛ حيث إن الحر من صنع الله ؛ لذا فإن الإسلام لا يعارض الحاجة التي تجعل الإنسان أكثر راحة وإنتاجاً وسعادة ، وننهي قولنا بالحديث الشريف: "إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمال".
بين التجميل وعلاج النفس
إن هذه القضية تقلق الجراح والمريض معًا من أجل تحري الحلال من أجل الاستمتاع بالجمال ؛ لأنها ترتبط بالخلق ، وقد زادت عمليات التجميل في الفترة الأخيرة بالفعل بسبب وسائل الإعلام والتكنولوجيا الطبية المتطورة ، وصاحبها اختلاف الناس حولها بحجة أنها غير شرعية ، وأنها تغيير لخلق الله ، ولكننا كمتخصصين في جراحات التجميل نستطيع أن نقسم جراحات التجميل إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تبلغ نسبته أكثر من 60% ويسمى جراحات تكميلية أو تعويضية ، وعن دخول عمليات ختان البنات في هذه الفئة أن الطبيب يستطيع أن يحكم هل هذه الطفلة تحتاج إلى إجراء عملية ختان أم لا بالكشف عليها ، ويؤكد أن أغلب البنات لا يحتجن لهذه العملية ، فالخفض لا تحتاجه إلا القلة التي لديها بروز استثنائي ، وإلا كان الختان داخلاً في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم: "ولا تنهكي".
والقسم الثاني: تبلغ نسبته 30% ويحدث نتيجة التقدم في العمر وحدوث تغيرات على ملامح الإنسان ؛ حيث يفقد صفاته الجمالية مع تقدم العمر كحدوث ترهلات في الأرداف أو أن يكون وزن ثدي امرأة أكثر من خمسة كيلوجرامات ، هذه بالطبع تحتاج عملية تجميل لصعوبة أن يتحمل العمود الفقري كل هذا الوزن. أو وجود ترهلات في منطقة البطن لكثرة الحمل والولادة وحدوث بعض المشاكل الزوجية بسبب هذا الوضع ؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تفكك الأسرة حسبما يرى الطبيب ، وهنا ُيضطر أن ُتجري العملية ؛ حفاظًا على تماسك الأسرة بإعادة بعض جمال ورشاقة المرأة التي فقدته ، والتي يهددها زوجها بالبحث عن غيرها رغم وجود أسرة مستقرة وأولاد ، وغير ذلك مما يؤهل الطبيب بخبرته أن يحدد مدى حاجة الحالات أمامه لإجراء عملية تجميل من عدمه.
والقسم الثالث: والأخيرة فهي عمليات التجميل من أجل التجميل ، وتبلغ نسبتها 10% الباقية ، وأغلب هذه المجموعة لا يكون علاجهم عند جَرَّاحي التجميل ، بل عند الطبيب النفسي لسيطرة بعض الحالات المرضية على نفسيتهم ؛ حيث يعاني المريض من شيء لا وجود له إلا في ذهنه هو فقط ، ويحاول الجراح إقناعه بذلك ، لكنه لا يستوعب فيرسله جراح التجميل إلى الطبيب النفسي مباشرة .
وهناك نسبة 5 - 10% من جراحات التجميل هذه حرام شرعًا ولا جدال فيها ؛ لأن الهدف منها مجرد الشياكة والنمنمة وتقليد الغرب ، وهذه الحالات نرفع - نحن أطباء جراحة التجميل - في وجههم الكارت الأحمر ؛ حيث يأتي المريض ومعه موديل أو صورة يريد أن يجعل أنفه مثلها أو فمه أو حتى عينيه.
وحول عمليات التجميل التي تحول الجنس إلى الجنس الآخر الذكر إلى أنثى والعكس: هذه المشكلة تقسم إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى هي التي يعاني أفرادها من مرض اضطراب الهرمونات وخلل في الجينات ، والطبيب يستطيع تحديد جنس هذا المريض بكل سهولة ويسر ، وفقًا لنتائج التحاليل الهرمونية التي تؤكد إما غلبة الهرمونات الأنثوية أو العكس ، وكذلك غلبة وجود الأعضاء التناسلية الأنثوية أو الذكورية ، ويكون التقرير للجنة علمية بعيدة تمامًا عن الطبيب الذي سيُجْرِي العملية ، وليس لهم مصلحة في إجراء العملية من عدمه وبناء على ذلك التقرير يتم اتخاذ القرار.
بينما المجموعة الثانية وهي التي تعاني من اضطرابات أخلاقية وسلوكية وشذوذ جنسي أو خلافه وتمرد على القيم والأعراف والدين ، وهذا الصنف لا يمكن أن نجري له العملية إطلاقًا طبقًا لهوى البشر كما في بلاد الغرب ؛ لأننا تحكمنا تعاليم ديننا وعادتنا وتقاليدنا!
وعن العلاقة بين جراحة الجسم إلى مستوى النفس والروح "إن جراحة التجميل إذا كانت ضرورية لتقويم عاهة أو تشوه خلقي أو طارئ بسبب حادثة فإن الأمر يكون طبيعيًّا.
فمعايير الجمال تختلف حسب كل منطقة وكل تجمع بشري ، غير أن منطق الموضة ومعيارية الجسد "الغربي" كما يفرضه الضغط الإعلامي في السينما والتليفزيون جعل الفرد أصبح يتجه أكثر فأكثر للاستجابة لتحسينات معينة ، ولو لم تكن ذات فائدة حقيقية ، والقضية مفتاحها الوعي بالذات وقيمة الجوهر ، وإلا ظل الإنسان يلهث وراء السراب".
واقع جراحات التجميل
وأوضحت الدراسة لجراحة التجميل أن أكثر الجراحات شيوعًا هي عمليات شفط الدهون ، وإزالة ترهلات البطن بالإضافة إلى عمليات إزالة الطبقة السطحية من جلد الوجه باستخدام مواد كيميائية ؛ لكي يبدو الوجه أصغر سنًّا ، كما أن عدد جراحات تضخيم الثديين ارتفع بنحو ستة أضعاف على مدى العشر سنوات الأخيرة وشهدت جراحات شدّ الوجه زيادة مماثلة.
وترجع الدراسة هذه الزيادة في الإقبال على جراحات التجميل إلى عدة عوامل ، منها: زيادة نسبة كبار السن في توزيع السكان ، ارتفاع الدخول ، وكذلك فإن الأساليب الجديدة لجراحات التجميل جعلتها أسهل وأسرع ، مما دفع الكثير للإقبال عليها دون خوف من التعرض لآلام مبرحة أو فترات نقاهة طويلة.
فهل جراحات التجميل هي فقط شد الوجه وشفط الدهون وتغيير الخلقة ؟ هل هي ترف تافه أم حاجة حقيقية عضوية أو نفسية ؟
وكيف يرى الأطباء العرب جراحات التجميل ، وما هي نظرة العلماء؟
* جراحة التجميل تخصص فرعي بعد تخصص الجراحة العامة، ويتعامل جراح التجميل مع الأنواع الآتية:
جراحة الحروق وتشوهات الكوارث سواء بعلاجها باستعمال رتق الجلد (من نفس الشخص) أو من خارجة لاستبدال الجزء التالف أو المشوَّه، وهذا جزء أساسي من عمل جراح التجميل.
جراحات التشوهات التي يولد بها الطفل مثل الشفة الأرنبية ، وشق سقف الحلق ، وفي المراحل المتقدمة والمعقدة جدًّا من هذا الفرع مثل تشوهات الجمجمة والوجه.
جراحات إعادة بناء النسيج أو العضو مثل اليد المتهتكة في الحوادث أو الأنف المكسور نتيجة المشاجرات أو الحوادث.
جراحات الترهل والسمنة المفرطة وتضخم الصدر والأرداف المفرطة بشفط الدهون أو العمليات الجراحية.
جراحات التجميل: ومنها اختيار شكل الأنف ، وشد الوجه ، وشد البطن ، وتوسيع محجر العين أو تضيقه ، وتكبير الصدر أو تنحيفه وكذلك الأرداف سواء بحقن مواد في عبوات خاصة تناسب العضو المراد تكبيره مثل الثدي مثلاً.
إزالة آثار التشوهات من جراحات سابقة ، وذلك يتجه لنمو الأنسجة الجلدية بصورة غير طبيعية مما ينتج عنه تشوه.
وعن حكم جراحات التجميل إن في أوروبا وأمريكا تكثر فيها عمليات التجميل غير الضرورية التي تنحصر في حب تغيير الشكل ، والانسجام مع النموذج الذي تعممه هوليود أو وسائل الإعلام ؛ إذ كثر الحديث عن محاولات الإناث لنفخ الشفاه على شاكلة النجمة الأمريكية فلانة أو علانة ومشابهة نجوم الرياضة وغيرهم ، وهي في جوهرها غير أساسية ولا ترتبط بإخفاء العيوب ، أو معالجة مشكلات في الجسم.
في مصر بدأت عمليات التجميل تنتشر بالشكل الذي هي عليه في أوروبا وأمريكا ، والمتمثلة في تعديل أجزاء هي أصلاً سليمة وطبيعية جدا في الجسم.
حالات تجميل مقبولة
أن هناك الكثير من الحالات الوسط المشروعة ، فلا هي طبية جراحية ولا هي من باب التشبه بالشكل الغربي ، و الجراحة التجميلية هي إحدى الجراحات المتفرعة عن تخصص الجراحة العامة ، وهي جراحة متخصصة كجراحة العيون ، وجراحة القلب وغيرها.
الجوهر الأساسي في الموضوع ما نسميه بالجراحة التعويضية بحيث يتم تعويض النقص في أي مكان أو أي جزء من أجزاء الجسم ، فإن الجراحة التعويضية أو التجميلية أو التقويمية - وكلها معانٍ لشيء واحد - تُعَوِّض النقص الحاصل في هذا الجزء.
طبعاً النقص أو التشوه الموجود له أسباب عديدة منها ما يولد مع الإنسان ، ومنها ما هو ناتج عن السرطانات والأورام الخبيثة ، ومنها ما ينتج عن الحوادث والحروق وخلافها.
هذا بالنسبة للجراحة التجميلية بشكل عام أما أقسامها فهي عديدة ، مثل: جراحة الوجه والفكين ، جراحة أخرى هي جراحة اليد. هناك أيضاً الجراحة المجهرية أو الميكروسكوبية ، وجراحة أخرى هي جراحة التجميل لكن هذا الفرع طغى على باقي الفروع ، والناس أضفت سمته على الجراحة التجميلية ، ويقوم الناس هنا بتعديل أجزاء من الجسم هي أصلاً طبيعية ، ولكن لديه رغبة في تعديلها كشد البطن والوجه وشفط الدهن… ، لكن أغلبية العمليات التي يتم إجراؤها هي في أساسها تعويضية وضرورية.
لقد قال سبحانه وتعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم" ، وسبق أن أشرت إلى أن أحد مسميات هذا العمل العمليات التقويمية ، والله خلق الإنسان في أحسن خلقة ، لكن نتيجة لظروف معينة أو أمراض معينة يفقد الإنسان جزءاً من أعضائه ، ونحن نرمم هذا الجزء ونحاول إرجاعه إلى طبيعته وإعادة الجمال له.
والأصل في الخلقة أن تكون جميلة، والناس أخذت فكرة خاطئة عن الموضوع وأدخلته في باب الحلال والحرام. نحن لا نقوم بعمل محرم شرعاً ، فمثلاً شخص ما لديه انحراف أو اعوجاج في الأنف ، وأصل الخلقة أن يكون الأنف طبيعيا مستقيما ، ونحن إذا عدلناه للأصل الطبيعي والشكل الجميل ، فإننا لا نغير شيئًا في خلقته. ونحن لا نعالج فقط الناحية الشكلية في الموضوع بل الناحية النفسية لدى المريض الذي يتأثر ، وربما أيضاً الآخرون من حوله بعيوبه التي تُوَلِّد النفور لدى الآخرين منه. عندما نحل هذه المشكلة نحل عقدة لدى المريض قبل أن نحل مشكلة التشوهات الخلقية.
بعض الأمور التي يعتبرها الناس كماليات في عمليات التجميل هي مهمة للبعض الآخر ، ولها حيثيات مختلفة ، فمثلاً تأتي فتاة بالغة أو متزوجة وعندها ضمور في منطقة الصدر (الثديين) ، وقد يقلل ذلك من أنوثتها ، خاصة إذا كانت متزوجة ، ويسبب لها عقدة نفسية وضيقاً قد لا يدركهُ الآخرون ولا يعتبرونه أمراً مهمًّا ، لكن المتزوجة التي تعاني من هذا الموضوع تشعر بالنقص ولا تشعر أنها تبرز أنوثتها لزوجها ، كما هو الأمر الطبيعي مما يؤثر على نفسيتها وعلى حياتها الزوجية ، فإذاً ستعيش هي حياة أسعد ، أيضاً هناك نساء لديهن أثداء كبيرة مترهلة وتشكل عبئاً كبيراً على الجسم وتؤدي إلى أمراض وانزلاق غضروفي في الظهر وعلى العمود الفقري.
فلا يأتي أحد لإجراء عملية تجميلية دونما أن تكون لديه مشكلة ، و نتكلم هنا عن الأغلبية العظمى للناس وليس عن استثناءات قليلة جدًّا.
كما قلت أرى أن العمليات التجميلية جائزة ، وليس فيها تجاوزات شرعية كما يظن عامة الناس. المريض يأتي لنا واسمه عبد الله ويخرج كما أتى.. عبد الله هو هو لا يتغير عليه شيء والاعوجاج أو الانحراف فقط يُعَدَّل. ولو كنا نغير في خلق الله لنزعنا الأنف ووضعناه في مكان آخر!! ولا أظن أن الناس عامة تعارض هذه المسائل، ولكنها تبحث عن مخرج شرعي حتى تشعر بالاطمئنان ؛ لأنها تخشى الحرام.
القول بأن جراحة التجميل تعتبر تدخلاً في إعجاز الخلق ، يُعَدُّ تجاهلاً لكون الإعجاز والإبداع يبدأ لحظة الإخصاب بخلية واحدة لتنتهي بعد تسعة أشهر من الحمل إلى آلاف البلايين من الخلايا التي وُضعت بإتقان لتعطي آلاف الوظائف الفريدة المذهلة ، وما تقوم به جراحة التجميل هو إضافة لمسة جمالية على إحدى هذه الوظائف. وما خَلْق الإنسان على عَظَمَته إلا جزء يسير من خلق كون مذهل يتميز كذلك بالجمال والإبداع ، ولا تستطيع أن تقول إن استعمال المكيف لجعل جو البيوت لطيفاً هو تدخل في صنع الله ؛ حيث إن الحر من صنع الله ؛ لذا فإن الإسلام لا يعارض الحاجة التي تجعل الإنسان أكثر راحة وإنتاجاً وسعادة ، وننهي قولنا بالحديث الشريف: "إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمال".
بين التجميل وعلاج النفس
إن هذه القضية تقلق الجراح والمريض معًا من أجل تحري الحلال من أجل الاستمتاع بالجمال ؛ لأنها ترتبط بالخلق ، وقد زادت عمليات التجميل في الفترة الأخيرة بالفعل بسبب وسائل الإعلام والتكنولوجيا الطبية المتطورة ، وصاحبها اختلاف الناس حولها بحجة أنها غير شرعية ، وأنها تغيير لخلق الله ، ولكننا كمتخصصين في جراحات التجميل نستطيع أن نقسم جراحات التجميل إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تبلغ نسبته أكثر من 60% ويسمى جراحات تكميلية أو تعويضية ، وعن دخول عمليات ختان البنات في هذه الفئة أن الطبيب يستطيع أن يحكم هل هذه الطفلة تحتاج إلى إجراء عملية ختان أم لا بالكشف عليها ، ويؤكد أن أغلب البنات لا يحتجن لهذه العملية ، فالخفض لا تحتاجه إلا القلة التي لديها بروز استثنائي ، وإلا كان الختان داخلاً في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم: "ولا تنهكي".
والقسم الثاني: تبلغ نسبته 30% ويحدث نتيجة التقدم في العمر وحدوث تغيرات على ملامح الإنسان ؛ حيث يفقد صفاته الجمالية مع تقدم العمر كحدوث ترهلات في الأرداف أو أن يكون وزن ثدي امرأة أكثر من خمسة كيلوجرامات ، هذه بالطبع تحتاج عملية تجميل لصعوبة أن يتحمل العمود الفقري كل هذا الوزن. أو وجود ترهلات في منطقة البطن لكثرة الحمل والولادة وحدوث بعض المشاكل الزوجية بسبب هذا الوضع ؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تفكك الأسرة حسبما يرى الطبيب ، وهنا ُيضطر أن ُتجري العملية ؛ حفاظًا على تماسك الأسرة بإعادة بعض جمال ورشاقة المرأة التي فقدته ، والتي يهددها زوجها بالبحث عن غيرها رغم وجود أسرة مستقرة وأولاد ، وغير ذلك مما يؤهل الطبيب بخبرته أن يحدد مدى حاجة الحالات أمامه لإجراء عملية تجميل من عدمه.
والقسم الثالث: والأخيرة فهي عمليات التجميل من أجل التجميل ، وتبلغ نسبتها 10% الباقية ، وأغلب هذه المجموعة لا يكون علاجهم عند جَرَّاحي التجميل ، بل عند الطبيب النفسي لسيطرة بعض الحالات المرضية على نفسيتهم ؛ حيث يعاني المريض من شيء لا وجود له إلا في ذهنه هو فقط ، ويحاول الجراح إقناعه بذلك ، لكنه لا يستوعب فيرسله جراح التجميل إلى الطبيب النفسي مباشرة .
وهناك نسبة 5 - 10% من جراحات التجميل هذه حرام شرعًا ولا جدال فيها ؛ لأن الهدف منها مجرد الشياكة والنمنمة وتقليد الغرب ، وهذه الحالات نرفع - نحن أطباء جراحة التجميل - في وجههم الكارت الأحمر ؛ حيث يأتي المريض ومعه موديل أو صورة يريد أن يجعل أنفه مثلها أو فمه أو حتى عينيه.
وحول عمليات التجميل التي تحول الجنس إلى الجنس الآخر الذكر إلى أنثى والعكس: هذه المشكلة تقسم إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى هي التي يعاني أفرادها من مرض اضطراب الهرمونات وخلل في الجينات ، والطبيب يستطيع تحديد جنس هذا المريض بكل سهولة ويسر ، وفقًا لنتائج التحاليل الهرمونية التي تؤكد إما غلبة الهرمونات الأنثوية أو العكس ، وكذلك غلبة وجود الأعضاء التناسلية الأنثوية أو الذكورية ، ويكون التقرير للجنة علمية بعيدة تمامًا عن الطبيب الذي سيُجْرِي العملية ، وليس لهم مصلحة في إجراء العملية من عدمه وبناء على ذلك التقرير يتم اتخاذ القرار.
بينما المجموعة الثانية وهي التي تعاني من اضطرابات أخلاقية وسلوكية وشذوذ جنسي أو خلافه وتمرد على القيم والأعراف والدين ، وهذا الصنف لا يمكن أن نجري له العملية إطلاقًا طبقًا لهوى البشر كما في بلاد الغرب ؛ لأننا تحكمنا تعاليم ديننا وعادتنا وتقاليدنا!
وعن العلاقة بين جراحة الجسم إلى مستوى النفس والروح "إن جراحة التجميل إذا كانت ضرورية لتقويم عاهة أو تشوه خلقي أو طارئ بسبب حادثة فإن الأمر يكون طبيعيًّا.
فمعايير الجمال تختلف حسب كل منطقة وكل تجمع بشري ، غير أن منطق الموضة ومعيارية الجسد "الغربي" كما يفرضه الضغط الإعلامي في السينما والتليفزيون جعل الفرد أصبح يتجه أكثر فأكثر للاستجابة لتحسينات معينة ، ولو لم تكن ذات فائدة حقيقية ، والقضية مفتاحها الوعي بالذات وقيمة الجوهر ، وإلا ظل الإنسان يلهث وراء السراب".